الاثنين، 29 سبتمبر 2014

ملخص كتاب التوحيد.

ملخص كتاب التوحيد...

شرح كتاب التوحيد للإمام محمد ابن عبد الوهاب


بسم الله الرحمن الرحيم
بعد دراسة هذا الباب يتوقع أن تعرف:
1ـ معنى التوحيد وأقسامه
2ـ أن الغاية من خلق الجن والإنس هي عبادة الله وتوحيده
3ـ أن الغاية من بعث الرسل هي عبادة الله وحدة
4ـ أن حق الله على العباد أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا.
5ـ معنى الشرك.
قال المؤلف:
كتاب التوحيد، وقول الله تعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
كتاب التوحيد، أي الكتاب الذي يبين خصائص التوحيد ومعناه وحقوقه ومكملاته وبيان ما ينافيه من الشرك الأكبر أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر أو البدع القادحة فيه، وبيان وسائل الشرك وذرائعه.
وتوحيد الله هو إفراد الله تعالى بربوبيته وألوهيته، فيعتقد المسلم اعتقادا جازما بأن الله خالق كل شيء ومليكه والمتصرف فيه، وأنه ليس كمثله شيء، ,انه وحده الذي يجب أن تصرف له العبادة بجميع أنواعها.
والعبادة هي كل ما يحبه الله ويأمر به من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فيدخل فيها قول القلب ـ مثل إقراره وتوحيده ـ وقول اللسان ـ مثل الشهادتين وقراءة القرآن، وأعمال الجوارح ـ كالصلاة والجهاد وأعمال البر ـ وأعمال القلب ـ كالخوف والرجاء والمحبة.
ومن تتبع النصوص الشرعية قسم العلماء التوحيد إلى قسمين:
1ـ التوحيد العلمي الخبري
وهو الإيمان بما جاءت به النصوص الشرعية من أفعال الله وصفاته وإفراده بها، كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، و علم الغيب والنفع الضر وتدبير أمور الكون. وما جاء في النصوص الشرعية من إثبات أسماء الله الحسنى وصفاته على ما يليق بجلاله من غير أن نعتقد مماثلته لشيء من خلقه أو نعطل تلك الأسماء والصفات عن معانيها.
فمن اعتقد أن مع الله مدبر للكون، أو أن معه من يشاركه في علم الغيب أو في النفع أو الضر فقد أشرك مع الله في ربوبيته.
ومن اعتقد أن من المخلوقين من يشابه الله في شيء من صفاته كقوته أو عظمته أو علمه فقد أشرك.
وقد يقسم بعض العلماء هذا القسم إلى قسمين فيقول توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.
2ـ التوحيد العملي، أو توحيد القصد والطلب
ومعناه أن تكون جميع عبادات المسلم وقرباته مصروفه لله تعالى، فلا صلاة ولا حج ولا نذر ولا ذبح ولا دعاء إلا لله، وكذلك أعمال العبادات القلبية، كالخوف والرجاء والتوكل ونحوها.
ويسمى هذا التوحيد توحيد الإلهية، أو توحيد العبادة.
قال المؤلف: وقول الله تعالى: {وما خلقت…}
هذا بيان للغاية والحكمة التي خلق الله من أجلها الجن والإنس، وهي العبادة. والعبادة ـ كما مر ـ هي كل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. فالله خلق الجن والإنس ليفردوه بالعبادة.
قال المؤلف: "وقوله: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}"
الطاغوت هو كل ما عبد من دون الله وهو راض. وهو مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد. قال ابن القيم: الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.
فالله قد بعث في كل أمة من الناس رسولا يأمرهم بعبادة الله واجتناب عبادة الطاغوت، بالابتعاد عنه والابتعاد عن السبل المؤدية إليه. فلا تكون توحيد الله إلا بعبادته واجتناب غيره من المعبودات. وهذا معنى لا إله إلا الله، فـ "لا إله.." نفي للعبودية عما سوى الله، و "إلا الله" إثباتها لله وحده. وهذا هو التوحيد إفراد الله تعالى بالعبادة والكفر بما سواه من المعبودات.
فكل الرسل الذين أرسلهم الله تعالى من نوح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام كان أصل دعوتهم وأسها توحيد الله، عبادة الله واجتناب الطاغوت. فهذا هو دين الأنبياء كلهم، فمن تركه ترك دين الإسلام.
قال المؤلف: "وقوله: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}
قضى، أي: أمر ووصى قضاء شرعيا أن لا يعبد إلا هو جل وعلا. وبدأ بالنفي "لا تعبدوا.." ثم بالإثبات " .. إلا إياه" لتأكيد نفي العبادة عما سواه، ولبيان أنه لا يتم توحيد الله إلا بإفراده بالعبادة، فلو أتى الإنسان العبادات العظيمة من صلاة وزكاة وصدقة وصيام وحج وغيرها وهو يصرف شيئا يسيرا من العبادة لغير الله لم يكن موحدا ولم تنفعه عبادته، قال تعالى مخاطبا نبيه عليه الصلاة والسلام {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين}
قال المؤلف: "وقوله: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا}
الشرك هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، فكل شيء يختص به الله من أفعاله أو مما يجب أن يصرف له من أفعال العباد، فصرفه لغير الله شرك.
وفي هذه الآية يأمر الله تعالى بإفراده بالعبادة وحده لا شريك له. وقرن النهي عن الشرك بالأمر بعبادته فدلت على أن اجتناب الشرك شرط في صحة العبادة. وهذه الآية تفسر التوحيد الذي هو عبادة الله وترك الشرك.
وقوله {ولا تشركوا به شيئا} "شيئا" نكرة في سياق النهي فتعم الشرك قليله وكثيره.
قال المؤلف: وقوله تعالى {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا..} قال ابن مسعود: من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا..} الآية.
في هذه الآية يأمر الله تعالى نبيه محمدا أن ينادي المشركين لأخبركم بما حرم ربكم عليكم، أمركم ألا تشركوا به شيئا، فتقدير الكلام وصاكم ألا تشركوا به شيئا. فبدأ هذه الوصايا العظيمة بالأمر باجتناب الشرك لأنه أعظم الأوامر وأساسها، فدل على أن التوحيد أوجب الواجبات وأن الشرك أعظم المحرمات.
فالتوحيد هو الغاية من خلق الجن والإنس، كما في الآية الأولى، وهو الغاية من إرسال الرسل، كما في الآية الثانية، وهو أوجب الواجبات وأهم الوصايا كما في هذه الآية.
ولذلك قال ابن مسعود من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرا هذه الآية { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا..} الآية. فالرسول صلى الله عليه وسلم لو وصى لم يوص إلا بما وصى به الله تعالى.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال: "يا معاذ‍! أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟" قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا." قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: "لا تبشرهم فيتكلوا." أخرجاه في الصحيحين.
في هذا الحديث بيان حق الله على عباده الذي لا يستحقه إلا هو، وصرف شيء منه لغيره شرك به، وهو عبادته وحده. فإذا أتى الموحد بهذا الحق فقد أوجب الله على نفسه تفضلا منه وإحسانا حقا له بأن لا يعذبه.
ففي هذا بيان فضل التوحيد وأهميته وأنه أعظم الأعمال وأوجبها وهو حق الله على عباده وسبب النجاة من عذاب النار. وفيه بيان التوحيد وأنه عبادة الله واجتناب الشرك به.

اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق